فنون البلاغة في خطب الحرب عند الإمام علي
الملخص
تُعدّ الصُّور البيانيّة من الأساليب الَّتي لها مقدرة إبداعيّة خاصّة، وهي تُضفي جانبًا جماليًّا واضحًا على النُّصوص الَّتي تُوظّف فيها، وتسمح بالتَّعبير عن الأفكار بحرّيّةٍ واسعة مُوفّقة بين الأشياء البعيدة مُساهمةً في إنشاء صورٍ جديدةٍ. والَّذي سنتبيّنه في توظيف الإمام عليّ(ع) في خطابه لتلك الأساليب البيانيّة على سبيل تحقيق دلالات مقصودة في سياقها.
وقد اشتهر الإمام علي في الأدب العربيّ ببلاغته، وتناولت خطبه أغراضًا شتَّى، ولكن الغالب عليها خطب الحرب، نظرًا إلى الصّعاب والحروب الَّتي تعرّض لها الإمام في خلافته.
أدب الإمام علي أدب إسلاميّ، نابع من ذهنيّة إسلاميّة صاغها أدب القرآن الكريم، والحديث النَّبويّ، وثقافته فهو "الإمام في الأدب وآيته في ذلك (نهج البلاغة)". وقد عُدّت خطبه(ع) مدارس لتعليم الأدب، وإجادة اللُّغة.
لقد كان هدف الإمام الأسمى هو التَّأثير النَّفسيّ الَّذي قد يُحدثه في تشبيهاته بأنواعها المختلفة، من إيحاءٍ ودلالة داخل نفوس أصحابه ممّن هم مؤتلفون معه ومختلفون عنه. ولمّا كانت الصُّورة القائمة على التَّشبيه هي أكثر صور البيان حضورًا في كلام الإمام علي(ع)، كان من المُهمّ التوقّف عندها بما تستحقّه لتكون الدراسة بهدف إبراز مواطن الجمال والرّقيّ الأدبيّ الذي زخر به كلامه (ع).
لقد عمد الإمام(ع) في تشبيهاته إلى رسم صورٍ ذات قيمة فنّيّةٍ عاليةٍ هدفها هو التأثير النّفسيّ بما تضمّنته من دلالاتٍ إيحائيّة وجدت صدى تأثيرها في المُتلقّين من أصحابه. ولم يقتصر الإمام (ع) على نوعٍ واحدٍ من التشبيه؛ بل تعدّدت أساليب إتيانه للتَّشبيه في خطبه تبعًا للموقف والمُتلقّين، فضلًا عن الرُّؤية الخالصة الَّتي يحتكم إليها، وهي بطبيعة الحال تهدف إلى إعلاء كلمة الله.
