المسلمون والحضارة الغربية؛قراءة في منحى الاستقلال ورفض التبعية
الملخص
يعالج المقال الَّذي بين أيدينا، المنحى الإسلاميّ في التَّعامل مع الحضارة الغربيّة؛ ليُبيّن اتّجاه الاستقلال عن الغرب، ورفض التَّبعيّة له، والاكتفاء بالهُويّة الإسلاميّة الدِّينيّة بوصفها مُنطلقًا للتَّقدُّم والرُّقيّ. وهنا، تبرز إشكاليّة البحث المحوريّة ذات العلاقة بالتَّعارض بين الهُويّة الذَّاتيّة للمسلمين ومُكوّناتها القيميّة والمعرفيّة، وبين الاندماج في الحضارة الغربيّة الجديدة الّتي تعمل لبناء قيم (ماديّة دنيويّة)، تتعارض فيها الهُويّتان إلى حدود التَّعارض المعرفيّ .
إنّ تقويم الحضارة الغربيّة وعلاقة الشّرق بها، أمرٌ مُعقّد للغاية؛ إذ تتداخل في ذلك الأبعاد المعرفيّة الثَّقافيّة بما هو سياسيّ واقتصاديّ واجتماعيّ، وكذلك بما هو تاريخيّ ودينيّ. لذلك، لا بُدَّ من قراءة مُتأنّية للغرب يتمّ من خلالها الفصل بين المنتج الحضاريّ والمنتج الَّذي يحمل معه أهدافًا أخرى تتعارض مع الهُويّة الشَّرقيّة والإسلاميّة. وإذا كان غير مقدور على فصل المسارات الحضاريّة عن بعضها بعضًا كَوْن المنتج الحضاريّ ذا سمةٍ معرفيّةٍ بالدرجة الأولى، وهو يحصل بالتَّراكم والتَّجارب، إلّا أنّ الأولويّة لكلّ حضارة، هي الحفاظ على الهُويّة الَّتي هي مُسوّغ الوجود.
ممّا لا شكّ فيه أنّ أيّ حضارة ومهما كانت، لا تنسجم ولا تتلاءم ولا تتعايش مع فكرة فرض المعرفة المنطلقة أساسًا من مبدأ وجود بعضهم في الأعلى (الحضاريّ) وبعضهم الآخر دون ذلك. ولا بُدّ في البحث عن العلاقة بين الإسلام والحضارة الغربيّة من إعادة دراسة الهُويّة الذَّاتيّة، وتوضيح مُكوّناتها وأركانها وما يناقض تلك الهويّة، أو ينفيها. ويُستفاد من دراسة الهُويّة ما يتعلّق باتّخاذ موقف من الحضارة الغربيّة سواء لجهة القبول، أو الرفض. ولعل أحد أهمّ السَّقطات الّتي وقع فيها دعاة التّغرب أنّهم كانوا على استعداد للتَّخلّي عن هُويّتهم الخاصّة، مقابل الوصول إلى التكنولوجيا الحديثة الَّتي أنتجها الغرب.





