الاتجاه الإسلامي الرافض للحضارة الغربية
الملخص
يروم هذا البحث الوقوف عند الرُّؤية الَّتي رفضت الغرب، ورأت في الهيمنة الغربيّة ضياعًا لكلّ ما هو أصيل، وفقدانًا للهويّة، وأكَّدت أنَّ كلّ ما يأتي من الغرب اليوم هو غزو ثقافيٌّ يتغيَّا استمرار الهيمنة الغربيّة، ومحو كلّ استقلال شكليّ نالته تلك الشُّعوب الإسلاميّة. ومِنْ ثَمَّ، استغرب أصحاب ذلك الاتّجاه قصور حركة الفكر الإسلاميّ والثَّقافة العربيّة عن مقاومة التَّغريب والغزو الفكريِّ، وندَّدُوا بالموقف المائع الّذي تتعامل به الاتّجاهات الأخرى، حيث لم يروا في موقفها العامّ سوى أنّها إمّا دعوة صريحة، أو مُقَنَّعة للتَّغريب. فأكَّدوا أنَّ الإسلام بمفرده قادر على التَّصدِّي لكلّ تفاصيل مظاهر حياة الفرد والمجتمع، من دون الحاجة إلى الاقتباس من الحضارات الأجنبيّة وأنظمتها.
كما يرصد هذا البحث عبر عرض آراء نخبه الفكريّة المختارة، أو تنظيماته السِّياسيّة للتّطوّرات الحديثة في ذلك الاتّجاه، خاصّة بعد تراجع بريق "الأنموذج الغربيّ" منذ بضعة عقود– وما زال يتراجع يومًا بعد يوم- وبعد تفاقم مشكلاته: الاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والسِّياسيّة، والأخلاقيّة، والثَّقافيّة، وعجزه عن تقديم حلول شافية وكافية لتلك المشكلات؛ ما ينذر بقرب تصدُّع أنموذجه الحضاريّ. ذلك فضلًا عن حالة الصّحوة والاستفاقة الفكريّة، والاستفادة من أخطاء الماضي وتجاربه؛ ما أدَّى إلى استعادة الثِّقة بالذَّات، وإلى طرح رؤى وبدائل إسلاميّة نقديّة وحضاريّة لهذا الغرب.
يحاول هذا البحث أن يجيب عن مجموعة من الأسئلة، ومن أهمهّا: ما تيَّار الرَّفض والانغلاق؟ ما أهمّ مُسوّغات رفضه وانغلاقه؟ ومَنْ هُمْ أبرز أَعلامه؟ وما أهمّ تنظيماته السِّياسيّة؟ وما بديله الحضاريّ؟
من أجل المعالجة الجيّدة لهذا الموضوع، قمنا بتقسيم هذا البحث إلى قسمين رئيسَيْن؛ يتناول القسم الأول موقف النّخب الفكريّة الإسلاميّة الرَّافضة للغرب؛ بينما يقف القسم الآخر عند أهمّ التَّنظيمات السِّياسيّة الَّتي وقفت من الغرب موقف الرَّفض والانغلاق.
مع التَّنبيه إلى أنّ ذلك لا يعني موافقتنا التَّامّة على كل ما جاء به مُمثّلو ذلك الاتّجاه، ولكنّنا آثرنا العرض الأمين دون انقطاع حتّى لا يحدث تشتيت للقارئ على أن ندلي برأينا الخاصّ في الخاتمة.





