الغرب والشرق مخاضات القوة والضعف

المؤلفون

  • الهزيلي المنصر

الملخص

مفهومُ الغربِ إشكاليّ تمَامًا، كَمَا أنّ مفهوم الشّرق إشكاليّ. أَين يَنتهي الشّرقُ، وأينَ يَبدأُ الغَرب؟ ما النُّقطة الفاصلة الّتي تُمكّنُ عَمَليًّا من شَطرِ العالَم إلى شَطرين، فنقولُ: إنّ هذا الشّطر شرق مقابلَ شطرٍ آخَر هُوَ الغرْب؟

برَعَ الغربيّون ويبرعون في عِلمِ الإنسان. ومن المعلوم أنّ العُلوم الإنسانيّة تُنسبُ إليهِم؛ وهي عُلومٌ لا تفتأُ تتشعّبُ وتتفرّع وتزيدُ تخصُّصاتها. ويُمكنُ أن تنشأ عُلومًا إنسانيّةً أُخرى تقومُ على غيرِ ما اختار الغربيّون مِن مقدّماتٍ نظريّة، ولكنّ الطّريقَ إلى ذلكَ طويلة مُكلفةٌ. المعركة الكبرى مَعرفيّة، وتَحديدًا في العلاقة بالعُلومِ الإنسانيّة ذلك أنّ تلك العُلوم هي الّتي تشكّلُ مُنذُ مرحلةٍ وعي الإنسان بنفسِه، وتُحدّد دورهُ في العالم، وتوجّهُ علاقتهُ بالآخرين. فالخلاف مع الغَرب ليسَ على اللّه؛ وإنّما الخلافُ معهُ على الإنسان. وإذا كانَ خلافٌ على اللّه فهوَ ناجِمٌ عن خلافٍ على الإنسان. لا نُبالغُ إذا قُلنَا أنّ المعارفَ الغربيّة تسعى مُنذُ قُرون وبنشاطٍ وَتصمِيمٍ إلى احتكار الإنسان، تحديدًا لأصله وماهيّة وجوده وَمصيره ومُنتهاه. لا نبالغُ أيضًا إذا قُلنَا أنّ تلك المعارف تنجحُ نجاحًا باهرًا في هذا السّعي إلى متانتها التّقنيّة، أو حِرفيّتِهَا منْ ناحيَةٍ، ومِن ناحيَةٍ أُخرى، إلى غِياب المُنَافَسةِ المَتينَةِ كمًّا وكيفًا. نُحاوِلُ هُنا مُقاربةِ الغَربِ والتعرُّفَ إليه، والبحث في قوّته وضَعفِه، والسّؤال عن وسائلنا في ذلكَ، وما نعتمدُ مِنْ مَنهج، وما نقدّمُ من مُفرداتٍ وَمفاهيم.

الغرب كُتلةٌ لا تفتأ تكبر وتتّسع، ولا تقدرُ عليه غيرُ كتلة متراصّة لا نضمنها إذا ربطناها بالهويّات الموروثة (الماضي)؛ وإنّما ضمانتها بالمشروع (المُستقبل) المنتصر للإنسان. هويّتك ليست من أين تأتي، ولكن إلى حيث تمضي. إذا نجحنا، عربيًّا وإسلاميًّا، في إنجاز ذلك التَّحوُّل الذهنيّ والنفسيّ والفكريّ، وأصّلنا لهُ دينيًّا التّأصيلَ المتين نكون بحقّ رحمةً للعالمين، ونكون كذلك للغربيّين قبلَ غيرهم.

التنزيلات

منشور

12-03-2022

كيفية الاقتباس

الهزيلي المنصر. (2022). الغرب والشرق مخاضات القوة والضعف. مجلة جامعة المعارف, (3). استرجع في من https://mu-journal.com/index.php/mu/article/view/53