الأزياء التراثية: بين الهويّة وتأثير الحداثة

الملخص

     الأزياء الّتي نتناولها في هذا البحث تكتسب قيمة استثنائيّة بين جميع الموروثات؛ لأنّها لدى الشعوب جزءٌ من الهويّة الأُمّ، وعلامة تميّز العصور والأصول، كما أنّها جزءٌ أخّاذ من الذاكرة الثقافيّة للشعوب، وسجلٌّ يحفظ بين طيّاته عادات الأُمّة وتراثها، ويستدلّ بها على كثير من المؤشّرات الاجتماعيّة، والاقتصاديّة، والثقافيّة، والمنزلة الاجتماعيّة. تشغل العادات والتقاليد الشركسيّة حيّزًا كبيرًا من التراث الشركسيّ، الّذي يُعدّ بمنزلة جذور الحياة. وقد تبيّن بعد سلسلة محطّات من التهجير والاضّطهاد إثر الحروب والغزوات الطاحنة، الّتي تعرّض لها أهل الشركس في بلادهم، أنّهم استطاعوا المضيّ قُدُمًا حاملين تراثهم وهويّتهم على محمل الجدّ. وحرصوا على المحافظة على ذلك التراث، وعلى هويّتهم الّتي يخشون أن تتناساها الأجيال المتعاقبة. لذا، حاولوا ولا يزالون أن يزرعوا في عقول الأجيال الشابّة أهمّيّة المحافظة على ذلك الإرث التاريخيّ، وخاصّة ما يتعلّق بالزيّ ولبسهِ، وما يتعلّق بعاداتهم وتقاليدهم المتنوّعة. بقي الزّيّ الشركسيّ حاضرًا على الرّغم من اصطدامه بالثقافات الأخرى، وعلى الرّغم من ذلك الحضور الخجول، الّذي اقتصر على المناسبات الرسميّة، ارتبط الزيّ الشركسي بعلاقة متينة مع تقاليد المجتمع الشركسيّ، المبنيّة على الدِّين والشجاعة والجمال والقوّة والفروسيّة، وعلى الرّغم من اختلاف نمط الحياة إلّا أنّ ذلك الزيّ بقيَ مرتبطًا بتلك الأُسُس والتقاليد.