التقدم الغربي وتبدد الوعد العظيم

المؤلفون

  • طلال عتريسي

الملخص

لا تزال إشكاليّة التّقدّم الغربيّ، إلى اليوم، موضع بحث ونقد وتساؤل، خاصّة وأنّ بعض الباحثين يقتصرون في قياس التّقدّم على ما بلغه الغرب في مجالات مثل العلم والطّبّ والتّكنولوجيا، ولا يبالون بما رافق هذا التّقدّم من احتلال شعوب ونهب ثروات؛ كما كان حال فرنسا -على سبيل المثال- مع الجزائر في القرن الماضي، وكما هي حال تجارب مماثلة لدول غربيّة أخرى في القرن الحاليّ. كان التّقدّم منذ بداياته بحاجة إلى الاحتلال، من أجل الغرب نفسه، وليس من أجل التّمدين، ولا من أجل الأعراق السّفلى، ولا حتّى من أجل حوار للحضارات.

لقد بيّنت تجربة الغرب الحديثة أنّ مقياس التّقدّم لا يُختزل بما بلغه أيّ مجتمع من تطوّر في استخدام التّقنيّات، أو في تطوير الصّناعات، أو في أنماط الاستهلاك كما تروّج بعض النّظريّات التّنمويّة والاجتماعيّة.

إنّ مقياس التّقدّم الإنسانيّ هو في الهدف الذي يُراد تحقيقه، وليس الأدوات المستخدمة، والتي قد تكون بسيطة أو متطوّرة. فهل يبقى الغرب، بعد كلّ تلك «الآثار الجانبيّة الضّارّة» للتّقدّم، أنموذجًا كما رآه الشّيخ محمّد عبده في ذلك الزّمن الذي زار فيه باريس ورأى فيها ما رأى وما أحبّه وأعجبه؟ ولو كان الشّيخ اليوم على قيد الحياة وزار باريس مجدّدًا، فهل كان سيرى فيها «إسلامًا» أم «إسلاموفوبيا»؟

في السّطور الأخيرة، يروي «أندريه فليتشك» الفيلسوف والرّوائي التّشيكيّ/الأميركيّ، كيف خُدع هو وجيل كامل من الشّباب في تشيكوسلوفاكيا بوهم التّقدّم الغربيّ وعدم الرّضى، بسبب الدّعايات التي مورست ضدّ النّموذج الاشتراكيّ في الاتّحاد السّوفياتيّ. ليكتشف «فليتشك»، بعد فوات الأوان، كما يقول، كيف أعمتهم الدّعاية الغربيّة، وكيف أنّهم اعتقدوا أنّهم عندما حطّموا جدار برلين قد اقتحموا باب الحرّيّة، فإذا بهم مجرّد سلع في السّوق، وكيف أنّهم باعوا الاتّحاد السّوفياتيّ وتشيكوسلوفاكيا، مقابل أكياس التّسوّق البلاستيكيّة.

التنزيلات

منشور

21-06-2023

كيفية الاقتباس

طلال عتريسي. (2023). التقدم الغربي وتبدد الوعد العظيم. مجلة جامعة المعارف, (9). استرجع في من https://mu-journal.com/index.php/mu/article/view/150

الأعمال الأكثر قراءة لنفس المؤلف/المؤلفين

1 2 > >>