نظرة تأمليّة إلى العلاقات بين ثقافة السوق والجامعة
الملخص
إنّنا نشهد منذ مدّةٍ رواج شعاراتٍ "تحويل المعرفة إلى الثروة". إنّ ما يجعل دراسة ظاهرة "تسويق المعرفة"، ونقاشها في مجتمعنا أمرًا ضروريًّا هو أنّ علماءنا العظام في الماضي کانوا يُعزّزون الحقيقة ويُقدّرونها في منزل العقل، وكانوا على حذرٍ كبير من أن يخلطوا ذلك مع الجدوائيّة (الكفاءة). والآن، المسألة الّتي نواجهها هي كيف دخلت جامعاتنا إلى لعبة تسويق المعرفة؟ برز مفهوم "تسويق المعرفة" بصفته مفهومًا أساسيًّا في مجال التفكير والبحث حول المعرفة والجامعة. وهذا المفهوم قد برز نتيجة مسارٍ طغى في الدول المتقدّمة، والّذي على أثره مدّت المعرفة أواصر علاقة جدًّا بارزة مع الثروة والإنتاج. من الضروريّ أن يمتلك الفرد الدافع للبحث عن الحقّ، وأن يكون مهيمنًا على أهوائه النفسانيّة، وأن يتجنّب الميل إلى المشهورات، ويكون دقيقًا ومتأمّلًا في ما يقول. فهذا مزيجٌ من الحقيقة والأخلاق. إنّ مثل تلك الصورة للمعرفة، المتمحورة حول الحقيقة، ستقاوم أمام تسويق المعرفة. من الجدير بمكان، أن يوجّه النّقد والتحدّي لفكرة تسويق المعرفة في مجتمعنا الجامعيّ، وأن يتمّ ردع باحثينا من الوقوع في السَّطحيّة، وخداع الذات والآخر والدعوة إلى البحث عن المعرفة الراسخة، المرافق بدافع البحث عن الحقيقة، والمنطلق من التفكير والتأمّل. ومن دون شك، ستنمّي مثل تلك المعرفة والبحث العلميّ التقدّم والفائدة، ولكن دون اختزال تلك المعرفة بالفائدة والمصلحة.