الحداثة الغربية وأزمة الإنسان المعاصر

المؤلفون

  • الطاهر محمد الشريف

الملخص

أزمة الإنسان الغربيّ المُعمّمة عالميًّا، تكمن أساسًا في لحظة إطلاق الحداثة لمشروعها، الَّتِي أرادت أنْ تُزِيلَ عن الإنسان القهر والقمع الَّذِي فرض عليه من مُؤسّسات دينيَّة، ففرضت عليه سُلطَتها عن طريق ترسيخ  فكرة  القصور الذاتيّ المُتَأَتٍّ من خطيئةٍ أصليّة، وهنا جاء التنوير ليُحرّر الإنسان من تلك السُّلْطة، وأدلّ دليل على ذلك ما قاله كانط في تعريفه للتنوير عندما رفع شعار: كن جريئًا في استخدام عقلك، وقد أدَّت تلك الجرأة إلى الاستغناء ونسيان الإله، وهنا موضع التَّأزُّم وأصله. فالعقلُ الغربيُّ كان مُخيّرًا بين أمرين: إمّا أنْ يبحث عن صورة الإله الحقيقيّ بدلًا من إلهٍ غضوب إلى صورة إلهٍ رَحِيمٍ، أو التَّخلُّص من فكرة الاله بالتَّدريج؛ ما يؤول إلى نسيانِه تمامًا. وهنا المعضلة، فقد اختار الغرب في مُؤسَّساتِه الرَّسْميَّة، وتشكيله الحضاريّ نسيان الله والاستغناء عنه، وهو ما أدَّى إلى أزمتين خطيرتين، وهما: التمركز حول الطَّبِيعَة، والأخيرة ليست بوصفها آيةً دالَّةً على الله؛ بل بوصفها آلةً كبيرةً، تحكم العالم بقوانين كمِّيَّة رياضيَّة آليَّة مُتماسِكة. وهكذا، تمّ نقل الألوهيَّة من الله إلى الطَّبِيعَة، ثمَّ تمَّ نقل الطَّبِيعَة من عالمها الخاصِّ بها إلى عالمِ الإنسان واختزاله فيه. التَّمركز الآخر وهو حول الإنسان، الَّذِي جعل لنفسه مركزًا داخل الكون، واثقًا من قدراته، وأخذت ذاته تَتَعاظَم، وبدلًا من أنْ ترشد، غَوت وانحرفت، فتغطْرَسَت وتغولت، وسعت إلى التسيّد والسَّيْطَرَة على كلِّ شيء، وبدلًا من تحقيق سعادة الإنسان، حوَّلت عالمه إلى بُؤْسٍ، واخترقت تاريخه وأرادت أن تنهيه، وتسارع زمنه الاجْتِماعِيّ حتَّى أصبح الإنسان لا يملك يقينًا، ولا خُلقًا، ولا معنًى، وأفسدت تلك الذَّات محيطه البيئيّ لدرجة أنَّه بات قاب قوسين، أو أدنى مِنْ أنْ يُدمِّر الطَّبِيعَة ومعها الإنسان. لقد استغنَى الإنسان عن الله فَطَغَى فأفْسَدَ ذاتَه ومُحِيطَهُ.

 

التنزيلات

منشور

29-01-2023

كيفية الاقتباس

الطاهر محمد الشريف. (2023). الحداثة الغربية وأزمة الإنسان المعاصر. مجلة جامعة المعارف, (8). استرجع في من https://mu-journal.com/index.php/mu/article/view/131

إصدار

القسم

ملف العدد